Monday, December 12, 2011

قتل عبد الملك بن مروان عمرو بن سعيد غيلة واحتيالا

روى الطبرى قال أن عمرو بن سعيد خرج في الخيل متقلدا قوسا سوداء فأقبل حتى أوطأ فرسه أطناب سرادق عبد الملك فانقطعت الأطناب وسقط السرادق ونزل عمرو فجلس وعبدالملك مغضب فقال لعمرو يا أبا أمية كأنك تشبه بتقلدك هذه القوس بهذا الحي من قيس قال لا ولكني أتشبه بمن هو خير منهم العاص بن أمية ثم قام مغضبا والخيل معه حتى دخل دمشق ودخل عبد الملك دمشق يوم الخميس فبعث إلى عمرو أن أعط الناس أرزاقهم فأسل إليه عمرو إن هذا لك ليس ببلد فاشخص عنه فلما كان يوم الإثنين وذلك بعد دخول عبد الملك دمشق بأربع بعث إلى عمرو أن ائتني وهو عند امرأته الكلبية وقد كان عبد الملك دعا كريب بن أبرهة بن الصباح الحميري فاستشاره في أمر عمرو بن سعيد فقال له في هذا هلكت حمير لا أرى لك ذلك لا ناقتي في ذا ولا جملي فلما أتى رسول عبد الملك عمرا يدعوه صادف الرسول عبد الله بن يزيد بن معاوية عند عمرو فقال عبد الله لعمرو بن سعيد يا أبا أمية والله لأنت أحب إلي من سمعي وبصري وقد أرى هذا الرجل قد بعث إليك أن تأتيه وأنا أرى لك ألا تفعل فقال له عمرو ولم قال لأن تبيع ابن امرأة كعب الأحبار قال إن عظيما من عظماء ولد إسماعيل يرجع فيغلق أبواب دمشق ثم يخرج منها فلا يلبث أن يقتل فقال له عمرو والله لو كنت نائما ما تخوفت أن ينبهني ابن الزرقاء ولا كان ليجترىء على ذلك مني مع أن عثمان بن عفان أتاني البارحة في المنام فألبسني قميصه وكان عبد الله بن يزيد زوج أم موسى بنت عمرو بن سعيد فقال عمرو للرسول أبلغه السلام وقل له أنا رائح إليك الغشية إن شاء الله فلما كان العشي لبس عمرو درعا حصينة بين قباء قوهي وقميص قوهي وتقلد سيفه وعنده امرأته الكلبية وحميد بن حريث بن بحدل الكلبي فلما نهض متوجها عثر بالبساط فقال له حميد أما والله لئن أطعتني لم تأته وقالت له امرأته تلك المقالة فلم يلتفت إلى قولهم ومضى في مائة رجل من مواليه وقد بعث عبد الملك إلى بني مروان فاجتمعوا عنده فلما بلغ عبد الملك أنه بالباب أمر أن يحبس من كان معه وأذن له فدخل ولم تزل أصحابه يحبسون عند كل باب حتى دخل عمرو قاعة الدار وما معه إلا وصيف له فرمى عمرو ببصره نحو عبد الملك فإذا حوله بنو مروان وفيهم حسان بن مالك بن بحدل الكلبي وقبيصة بن ذؤيب الخزاعي فلما رأى جماعتهم أحس بالشر فالتفت إلى وصيفه فقال انطلق ويحك إلى يحيى بن سعيد فقل له يأتيني فقال له الوصيف ولم يفهم ما قال له لبيك فقال له اغرب عني في حرق الله وناره وقال عبد الملك لحسان وقبيصة إذا شئتما فقوما فالتقيا وعمرا في الدار فقال عبد الملك لهما كالمازح ليطمئن عمرو بن سعيد أيكما أطول فقال حسان قبيصة يا أمير المؤمنين أطول مني بالإمرة وكان قبيصة على الخاتم ثم التفت عمرو إلى وصيفة فقال انطلق إلى يحيى فمره أن يأتيني فقال له لبيك ولم يفهم عنه فقال له عمرو أغرب عني فلما خرج حسان وقبيصة أمر بالأبواب فغلقت ودخل عمرو فرحب به عبد الملك وقال ها هنا يا أبا أمية يرحمك الله فأجلسه معه على السرير وجعل يحدثه طويلا ثم قال يا غلام خذ السيف عنه فقال عمرو إنا لله يا أمير المؤمنين فقال عبد الملك أو تطمع أن تجلس معي متقلدا سيفك فأخذ السيف عنه ثم تحدثا ما شاء الله ثم قال له عبد الملك يا أبا أمية قال لبيك يا أمير المؤمنين فقال إنك حيث خلعتني آليت بيمين إن أنا ملأت عيني منك وأنا مالك لك أن أجمعك في جامعة فقال له بنو مروان ثم تطلقه يا أمير المؤمنين قال ثم أطلقه وما عسيت أن أصنع بأبي أمية فقال بنو مروان أبر قسم أمير المؤمنين فقال عمرو قد أبر الله قسمك يا أمير المؤمنين فأخرج من تحت فراشه جامعة فطرحها إليه ثم قال يا غلام قم فاجمعه فيها فقام الغلام فجمعه فيها فقال عمرو أذكرك الله يا أمير المؤمنين أن تخرجني فيها على رؤوس الناس فقال عبد الملك أمكرا أبا أمية عند الموت لاها الله إذا ما كنا لنخرجك في جامعة على رؤوس الناس ولما نخرجها منك إلا صعدا ثم اجتبذه اجتباذة أصاب فمه السرير فكسر ثنيته فقال عمرو أذكرك الله يا أمير المؤمنين أن يدعوك الى كسر عظم مني أن تركب ما هو أعظم من ذلك فقال له عبد الملك والله لو أعلم أنك تبقي علي إن أبقي عليك وتصلح قريش لأطلقتك ولكن ما اجتمع رجلان قط في بلدة على مثل مانحن عليه إلا أخرج أحدهما صاحبه فلما رأى عمرو أن ثنيته قد اندقت وعرف الذي يريد عبد الملك قال أغدرا يابن الزرقاء رجع الحديث إلى حديث عوانة وأذن المؤذن العصر فخرج عبد الملك يصلي بالناس وأمر عبد العزيز بن مروان أن يقتله فقام إليه عبد العزيز بالسيف فقال له عمرو أذكرك الله والرحم أن تلي أنت قتلي وليتول ذلك من هو أبعد رحما منك فألقى عبد العزيز السيف وجلس وصلى عبد الملك صلاة خفيفة ودخل وغلقت الأبواب ورأى الناس عبد الملك حيث خرج وليس عمرو معه فذكروا ذلك ليحيى بن سعيد فأقبل في الناس حتى حل بباب عبد الملك ومعه ألف عبد لعمرو وأناس بعد من أصحابه كثير فجعل من كان معه يصيحون أسمعنا صوتك يا أبا أمية وأقبل مع يحيى بن سعيد حميد بن حريث وزهير بن الأبرد فكسروا باب المقصورة وضربوا الناس بالسيوف وضرب عبد لعمرو بن سعيد يقال له مصقلة الوليد بن عبد الملك ضربة على رأسه واحتمله إبراهيم بن عربي صاحب الديوان فأدخله بيت القراطيس ودخل عبد الملك حين صلى فوجد عمرا حيا فقال لعبد العزيز ما منعك من أن تقتله قال منعني أنه ناشدني الله والرحم فرققت له فقال له عبد الملك أخزى الله أمك البوالة على عقبيها فإنك لم تشبه غيرها وأم عبد الملك عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية وكانت أم عبد العزيز ليلى وذلك قول ابن الرقيات ... ذاك ابن ليلى عبد العزيز ببا ... بليون تغدوا جفانه رذما ... 

ثم إن عبد الملك قال يا غلام ائتني بالحربة فأتاه بالحربة فهزها ثم طعنه بها فلم تجز ثم ثنى فلم تجز فضرب بيده إلى عضد عمرو فوجد مس الدرع فضحك ثم قال ودارع أيضا يا أبا أمية إن كنت لمعدا يا غلام ائتني بالصمصامة فأتاه بسيفه ثم أمر بعمرو فصرع وجلس عى صدره 

فذبحه وهو يقول ... يا عمرو إن لا تدع شتمي ومنقصتي ... أضربك حيث تقول الهامة اسقوني ... 

وانتفض عبد الملك رعدة وكذلك الرجل زعموا يصيبه إذا قتل ذا قرابة له فحمل عبد الملك عن صدره فوضع على سريره فقال ما رأيت مثل هذا قط قتله صاحب دنيا ولا طالب آخره ودخل يحيى بن سعيد ومن معه على بني مروان الدار فجرحوهم ومن كان معهم من مواليهم فقاتلوا يحيى وأصحابه وجاء عبد الرحمن ابن أم الحكم الثقفي فدفع إليه الرأس فألقاه إلى الناس وقام عبد العزيز بن مروان فأخذ المال في البدور فجعل يلقيها إلى الناس فلما نظر الناس إلى الأموال ورأوا الرأس انتهبوا الأموال وتفرقوا

وقد قيل إن عبد الملك بن مروان لما خرج إلى الصلاة أمر غلامه أبا الزعيزعة بقتل عمرو فقتله وألقى رأسه إلى الناس وإلى أصحابه 

No comments:

Post a Comment