روى الطبرى قال أن عمرو بن سعيد خرج في الخيل متقلدا قوسا سوداء فأقبل حتى أوطأ فرسه أطناب سرادق عبد الملك فانقطعت الأطناب وسقط السرادق ونزل عمرو فجلس وعبدالملك مغضب فقال لعمرو يا أبا أمية كأنك تشبه بتقلدك هذه القوس بهذا الحي من قيس قال لا ولكني أتشبه بمن هو خير منهم العاص بن أمية ثم قام مغضبا والخيل معه حتى دخل دمشق ودخل عبد الملك دمشق يوم الخميس فبعث إلى عمرو أن أعط الناس أرزاقهم فأسل إليه عمرو إن هذا لك ليس ببلد فاشخص عنه فلما كان يوم الإثنين وذلك بعد دخول عبد الملك دمشق بأربع بعث إلى عمرو أن ائتني وهو عند امرأته الكلبية وقد كان عبد الملك دعا كريب بن أبرهة بن الصباح الحميري فاستشاره في أمر عمرو بن سعيد فقال له في هذا هلكت حمير لا أرى لك ذلك لا ناقتي في ذا ولا جملي فلما أتى رسول عبد الملك عمرا يدعوه صادف الرسول عبد الله بن يزيد بن معاوية عند عمرو فقال عبد الله لعمرو بن سعيد يا أبا أمية والله لأنت أحب إلي من سمعي وبصري وقد أرى هذا الرجل قد بعث إليك أن تأتيه وأنا أرى لك ألا تفعل فقال له عمرو ولم قال لأن تبيع ابن امرأة كعب الأحبار قال إن عظيما من عظماء ولد إسماعيل يرجع فيغلق أبواب دمشق ثم يخرج منها فلا يلبث أن يقتل فقال له عمرو والله لو كنت نائما ما تخوفت أن ينبهني ابن الزرقاء ولا كان ليجترىء على ذلك مني مع أن عثمان بن عفان أتاني البارحة في المنام فألبسني قميصه وكان عبد الله بن يزيد زوج أم موسى بنت عمرو بن سعيد فقال عمرو للرسول أبلغه السلام وقل له أنا رائح إليك الغشية إن شاء الله فلما كان العشي لبس عمرو درعا حصينة بين قباء قوهي وقميص قوهي وتقلد سيفه وعنده امرأته الكلبية وحميد بن حريث بن بحدل الكلبي فلما نهض متوجها عثر بالبساط فقال له حميد أما والله لئن أطعتني لم تأته وقالت له امرأته تلك المقالة فلم يلتفت إلى قولهم ومضى في مائة رجل من مواليه وقد بعث عبد الملك إلى بني مروان فاجتمعوا عنده فلما بلغ عبد الملك أنه بالباب أمر أن يحبس من كان معه وأذن له فدخل ولم تزل أصحابه يحبسون عند كل باب حتى دخل عمرو قاعة الدار وما معه إلا وصيف له فرمى عمرو ببصره نحو عبد الملك فإذا حوله بنو مروان وفيهم حسان بن مالك بن بحدل الكلبي وقبيصة بن ذؤيب الخزاعي فلما رأى جماعتهم أحس بالشر فالتفت إلى وصيفه فقال انطلق ويحك إلى يحيى بن سعيد فقل له يأتيني فقال له الوصيف ولم يفهم ما قال له لبيك فقال له اغرب عني في حرق الله وناره وقال عبد الملك لحسان وقبيصة إذا شئتما فقوما فالتقيا وعمرا في الدار فقال عبد الملك لهما كالمازح ليطمئن عمرو بن سعيد أيكما أطول فقال حسان قبيصة يا أمير المؤمنين أطول مني بالإمرة وكان قبيصة على الخاتم ثم التفت عمرو إلى وصيفة فقال انطلق إلى يحيى فمره أن يأتيني فقال له لبيك ولم يفهم عنه فقال له عمرو أغرب عني فلما خرج حسان وقبيصة أمر بالأبواب فغلقت ودخل عمرو فرحب به عبد الملك وقال ها هنا يا أبا أمية يرحمك الله فأجلسه معه على السرير وجعل يحدثه طويلا ثم قال يا غلام خذ السيف عنه فقال عمرو إنا لله يا أمير المؤمنين فقال عبد الملك أو تطمع أن تجلس معي متقلدا سيفك فأخذ السيف عنه ثم تحدثا ما شاء الله ثم قال له عبد الملك يا أبا أمية قال لبيك يا أمير المؤمنين فقال إنك حيث خلعتني آليت بيمين إن أنا ملأت عيني منك وأنا مالك لك أن أجمعك في جامعة فقال له بنو مروان ثم تطلقه يا أمير المؤمنين قال ثم أطلقه وما عسيت أن أصنع بأبي أمية فقال بنو مروان أبر قسم أمير المؤمنين فقال عمرو قد أبر الله قسمك يا أمير المؤمنين فأخرج من تحت فراشه جامعة فطرحها إليه ثم قال يا غلام قم فاجمعه فيها فقام الغلام فجمعه فيها فقال عمرو أذكرك الله يا أمير المؤمنين أن تخرجني فيها على رؤوس الناس فقال عبد الملك أمكرا أبا أمية عند الموت لاها الله إذا ما كنا لنخرجك في جامعة على رؤوس الناس ولما نخرجها منك إلا صعدا ثم اجتبذه اجتباذة أصاب فمه السرير فكسر ثنيته فقال عمرو أذكرك الله يا أمير المؤمنين أن يدعوك الى كسر عظم مني أن تركب ما هو أعظم من ذلك فقال له عبد الملك والله لو أعلم أنك تبقي علي إن أبقي عليك وتصلح قريش لأطلقتك ولكن ما اجتمع رجلان قط في بلدة على مثل مانحن عليه إلا أخرج أحدهما صاحبه فلما رأى عمرو أن ثنيته قد اندقت وعرف الذي يريد عبد الملك قال أغدرا يابن الزرقاء رجع الحديث إلى حديث عوانة وأذن المؤذن العصر فخرج عبد الملك يصلي بالناس وأمر عبد العزيز بن مروان أن يقتله فقام إليه عبد العزيز بالسيف فقال له عمرو أذكرك الله والرحم أن تلي أنت قتلي وليتول ذلك من هو أبعد رحما منك فألقى عبد العزيز السيف وجلس وصلى عبد الملك صلاة خفيفة ودخل وغلقت الأبواب ورأى الناس عبد الملك حيث خرج وليس عمرو معه فذكروا ذلك ليحيى بن سعيد فأقبل في الناس حتى حل بباب عبد الملك ومعه ألف عبد لعمرو وأناس بعد من أصحابه كثير فجعل من كان معه يصيحون أسمعنا صوتك يا أبا أمية وأقبل مع يحيى بن سعيد حميد بن حريث وزهير بن الأبرد فكسروا باب المقصورة وضربوا الناس بالسيوف وضرب عبد لعمرو بن سعيد يقال له مصقلة الوليد بن عبد الملك ضربة على رأسه واحتمله إبراهيم بن عربي صاحب الديوان فأدخله بيت القراطيس ودخل عبد الملك حين صلى فوجد عمرا حيا فقال لعبد العزيز ما منعك من أن تقتله قال منعني أنه ناشدني الله والرحم فرققت له فقال له عبد الملك أخزى الله أمك البوالة على عقبيها فإنك لم تشبه غيرها وأم عبد الملك عائشة بنت معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية وكانت أم عبد العزيز ليلى وذلك قول ابن الرقيات ... ذاك ابن ليلى عبد العزيز ببا ... بليون تغدوا جفانه رذما ...
ثم إن عبد الملك قال يا غلام ائتني بالحربة فأتاه بالحربة فهزها ثم طعنه بها فلم تجز ثم ثنى فلم تجز فضرب بيده إلى عضد عمرو فوجد مس الدرع فضحك ثم قال ودارع أيضا يا أبا أمية إن كنت لمعدا يا غلام ائتني بالصمصامة فأتاه بسيفه ثم أمر بعمرو فصرع وجلس عى صدره
فذبحه وهو يقول ... يا عمرو إن لا تدع شتمي ومنقصتي ... أضربك حيث تقول الهامة اسقوني ...
وانتفض عبد الملك رعدة وكذلك الرجل زعموا يصيبه إذا قتل ذا قرابة له فحمل عبد الملك عن صدره فوضع على سريره فقال ما رأيت مثل هذا قط قتله صاحب دنيا ولا طالب آخره ودخل يحيى بن سعيد ومن معه على بني مروان الدار فجرحوهم ومن كان معهم من مواليهم فقاتلوا يحيى وأصحابه وجاء عبد الرحمن ابن أم الحكم الثقفي فدفع إليه الرأس فألقاه إلى الناس وقام عبد العزيز بن مروان فأخذ المال في البدور فجعل يلقيها إلى الناس فلما نظر الناس إلى الأموال ورأوا الرأس انتهبوا الأموال وتفرقوا
وقد قيل إن عبد الملك بن مروان لما خرج إلى الصلاة أمر غلامه أبا الزعيزعة بقتل عمرو فقتله وألقى رأسه إلى الناس وإلى أصحابه
No comments:
Post a Comment